الحمد لله ، ورد ذِكر " التلبينة " في أحاديث صحيحة ، منها :
أ- عَنْ
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا
كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ
النِّسَاءُ ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا ، أَمَرَتْ
بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ
التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَتْ : كُلْنَ مِنْهَا ، فَإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5101 ) ومسلم ( 2216 ) .
ب-
وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ
لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ ، وَكَانَتْ تَقُولُ :
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ ( إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5365 ) ومسلم ( 2216 ) .
قال النووي :
" ( مَجَمَّةٌ ) وَيُقَال : ( مُجِمَّةٌ ) أَيْ : تُرِيح فُؤَاده، وَتُزِيل عَنْهُ الْهَمّ، وَتُنَشِّطهُ " انتهى .
وواضح من الحديثين أنه يعالج بها المريض ، وتخفف عن المحزون حزنه ، وتنشط القلب وتريحه .
والتلبينة : حساء يُعمل من ملعقتين من مطحون الشعير بنخالته ، ثم يضاف لهما كوب من الماء ، وتطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق .
وبعض الناس يضيف عليها ملعقة عسل .
سبب التسمية:
وسمِّيت " تلبينة " تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها .
قال ابن القيم :
"
وإذا شئتَ أن تعرف فضل التلبينة : فاعرف فضل ماء الشعير ، بل هي ماء
الشعير لهم ؛ فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته ، والفرق بينها وبين
ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاً ، والتلبينة تطبخ منه مطحوناً ، وهي أنفع منه
لخروج خاصية الشعير بالطحن ، وقد تقدم أن للعادات تأثيراً في الانتفاع
بالأدوية والأغذية ، وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحوناً
لا صحاحاً ، وهو أكثر تغذية ، وأقوى فعلاً ، وأعظم جلاءً .... " انتهى . " زاد المعاد " ( 4 / 120 ) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تعريف التلبينة :
"
طعام يتخذ من دقيق أو نخالة ، وربما جُعل فيها عسل ، سميت بذلك لشبهها
باللبن في البياض والرقة ، والنافع منه ما كان رقيقاً نضيجاً ، لا غليظاً
نيئاً " انتهى . " فتح الباري " ( 9 / 550 ) .
فوائد الشعير :
ومما لا شك فيه أن للشعير فوائد متعددة ، وقد أظهرت الدراسات الحديثة
بعضها ، منها : تخفيض الكولسترول ، ومعالجة القلب ، وعلاج الاكتئاب ،
وعلاج ارتفاع السكر والضغط ، وكونه مليِّناً ومهدِّئاً للقولون ، كما
أظهرت نتائج البحوث أهمية الشعير في تقليل الإصابة بسرطان القولون .
قالت الدكتورة صهباء بندق - وقد ذكرت العلاجات السابقة وفصَّلتها - :
وعلى هذا النحو يسهم العلاج بـ " التلبينة " في الوقاية من أمراض القلب
والدورة الدموية ؛ إذ تحمي الشرايين من التصلب - خاصة شرايين القلب
التاجية - فتقي من التعرض لآلام الذبحة الصدرية وأعراض نقص التروية ،
واحتشاء عضلة القلب .
أما
المصابون فعليّاً بهذه العلل الوعائية والقلبية : فتساهم " التلبينة "
بما تحمله من خيرات صحية فائقة الأهمية في الإقلال من تفاقم حالتهم
المرضية ، وهذا يُظهر الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " التلبينة مجمة لفؤاد المريض ... " أي : مريحة لقلب المريض " انتهى .
والله أعلم .